كانت بلدان البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر متعلّقة بالبحر والأنهار منذ القِدم.منذ عصور قديمة جدا، كانوا يعرفون في أمور إبحار السفن في الأنهار وعلى امتداد شواطئ البحار.لقد نشأت، نمت وتطورت في هذه البلدان حياة البحر والملاحة الخاصة بالعالم الغربي.
شكّلت الملاحة عاملا ذا تأثير هائل على تطورات تاريخية في العالم القديم، نظرًا لأنه منذ فجر التاريخ كانت حياة الناس مزدهرة على ضفاف الأنهار الكبيرة - مثل نهر النيل في مصر ونهري دجلة والفرات في بلاد ما بين النهرين - وعلى امتداد شواطئ البحر الأحمر وفي البحر الأبيض المتوسط الهادئ، معظم أيام السنة، حيث كانت خلجانه الكثيرة وجزره المُشمسة بمثابة دفيئة رائعة لتطور الملاحة.وقد تطورت الملاحة في كل منطقة ومنطقة وفقا لطبيعة تضاريسها الخاصة، المواد الخام التي كانت تتوفر فيها لبناء السفن وخصائص الممرات المائية في المنطقة.
لقد تم بناء سفن البردي الأولى على ضفاف نهر النيل.وفرت الغابات الشمالية أخشابًا للعوّامات ولبناء الزوارق من جذوع الأشجار المُفرغة، التي كانت تطوف على امتداد شواطئ البحر الأبيض المتوسط، وهي التي شكّلت حجر الأساس للتجارة بالمقايضة، وقد خرجت السفن من نهر النيل عبر قناة إلى البحر الأحمر ومنه إلى البحر الأبيض المتوسط ثم أبحرت عن طريق أعمدة هرقل إلى عُرض البحر غير المعروف.
لقد خلّد سكان هذه المناطق علاقتهم بالبحر بواسطة الرسومات الصخرية ورسومات القبور، المنحوتات النافرة ونماذج السفن إضافة إلى الأساطير والشِّعر.تشير هذه الأمور كلها إلى جهود الإنسان اليومية لاحتلال البحر ومحاولاته القديمة لاعتبار البحر ممرّ مواصلات وتواصل وليس كحدود فاصلة.