حمولات سفن محطمة

الثلاثاء, 03.02.15, 07:56

الأحد, 01.10.17

:

مُتاح

لمعلومات إضافية:

04-6030800

شارك

لقد تم اعتبار البحر الأبيض المتوسط، وخاصة الحوض الشرقي منه، مهد الملاحة في العالم الغربي، ويعود ذلك إلى قربه من مناطق برّية تطورت فيها الحضارة والتنظيم السياسي منذ فجر تاريخ البشرية.نشأت هنا الحاجة إلى المقايضة بين مراكز الحضارة المختلفة ونشأت الإمكانيات لإقامة هذه التجارة.إننا نملك دلائل، منذ مستهل الألفية الثالثة قبل الميلاد، تشير إلى وسائل بحرية كانت تبحر في البحر الأبيض المتوسط بهدف التجارة.

وصلت سعة وسيلة ملاحة كهذه إلى 100 حتى 500 طن من البضائع.قامت وسائل الملاحة هذه في شق طريقها من مصر إلى جبيل في الساحل اللبناني الشمالي على الرغم من التقييدات التي كانت منوطة بالشراع المربع البسيط الذي كانت مزوَدة به.كان النقل عبر اليابسة أغلى بكثير، فلنقل حمولة بوزن 100 حتى 500 طن على ظهر الحمير والبغال، كانت هناك حاجة إلى أكثر من 5000 بغل وحمار ومرافقين بهذا العدد، وكانت طريق قافلة كهذه تستغرق شهرين أو ثلاثة أشهر.لذلك، كان من المفضل منذ بداية التجارة الدولية نقل البضائع بواسطة المسارات البحرية.

يتمتع البحر الأبيض المتوسط من ناحية ظروفه بأفضلية مقابل معظم البحار والمحيطات الأخرى في العالم.العنصر الجغرافي الأول الذي من شأنه تشجيع تطوّر الملاحة هو انعدام حركات المد والجزر الحادة.العنصر الثاني الذي كان من شأنه تشجيع تطوّر الملاحة هو الثبات في ظروف أحوال الطقس في الصيف، رؤية الساحل الجيدة في النهار والنجوم في الليل، والثبات النسبي للرياح.كل هذه الأمور ساعدت الملاحين في العثور على طريقهم بجانب الشواطئ وكذلك في عرض البحر، والوصول إلى هدفهم.

كان الخروج للإبحار، في العصور القديمة، متعلقا بظروف الأحوال الجوية في كل فصل من الفصول.قام الرومانيون بتلقيب فصل الشتاء بلقب mare clausum، أي البحر المغلق، ويعود ذلك إلى العواصف والتغيّرات الفجائية في الرياح، وقد بقيت السفن التجارية في هذه الفترة راسية في الموانئ.تم اعتبار فصلي الربيع والخريف من الفصول الأقل خطرا.أبحر ملاحون شجعان منذ بداية شهر آذار وحتى منتصف شهر تشرين الثاني، على الرغم من أن مواسم الملاحة المفضلة كانت منذ نهاية شهر أيار وحتى منتصف شهر أيلول، حيث كانت الرياح مواتية للملاحة، أي ثابتة إلى حد كبير وغير قوية جدا.لعبت التيارات المائية هي أيضا دورًا هامًا في تخطيط الرحلة البحرية.تكون التيارات في البحر الأبيض المتوسط، في معظم الحالات، بعكس اتجاه الساعة.

شاطئ أرض إسرائيل، الذي يصل طوله إلى نحو 180 كيلومترًا (من رأس الناقورة في الشمال وحتى رفح في الجنوب)، موجود في منطقة العبور بين شواطئ أفريقيا المستقيمة والرملية وبين شواطئ أوروبا المليئة بالخلجان والتي غالبا ما تحتوي على الجزر.إن خليج حيفا كبير نسبيا ومعرّض للرياح من مختلف الجهات، ولذلك لا يوجد في شاطئ أرض إسرائيل كله أي خليج واحد يمكن أن يتم استخدامه كملاذ أمثل لسفينة عند هبوب عاصفة.إن العواصف التي تهب من دون سابق إنذار، انعدام أماكن ملاذ على امتداد الشاطئ والقدرة المحدودة للسفن الشراعية القديمة على المناورة، قد أدت إلى انجراف وسائل الملاحة التي واجهت أزمة من المراسي على الشاطئ وتحطمت.في أعقاب ذلك، تفكك هيكل السفينة وتناثرت الأجزاء الخشبية والحمولة وانجرفت إلى الشاطئ، وغرق بعضها في قاع البحر وغطته الرمال.عند هدوء العاصفة، تم جمع الأجزاء الخشبية والحمولة التي كانت ملقاة على الشاطئ وفي المياه الضحلة، وذلك ليستخدمها السكان المحليين أو الناجين.كان كل ما تبقى بعد بضع سنوات هو بقايا قليلة من هيكل السفينة وبعض الأغراض الثقيلة من حمولتها والتي كانت قد دُفنت تحت الرمال، وتشكل هذه الأمور دليلا صامتًا على الكارثة التي وقعت.بسبب العدد الكبير من السفن التي أبحرت على امتداد الشاطئ وكثرة الحالات التي تحطمت فيها السفن، فإن شاطئ أرض إسرائيل قد أصبح أشبه بمقبرة كبيرة لوسائل الملاحة القديمة.

تظهر مكتشفات غنية ومتنوعة في مواقع السفن المحطمة:أجزاء من وسائل الملاحة، أجزاء من الحمولة والأغراض اليومية التي كان يستخدمها طواقم السفن.يتم اكتشاف أجزاء وسائل الملاحة الخشبية في المراسي والموانئ المغلقة أو المحمية بشكل عام، ويتم اكتشاف الأغراض وعوارض الربط على أنواعها، المصنوعة من المعادن والتي بقيت على الرغم من العواصف في الشواطئ المفتوحة.تُكتشف بقايا كثيرة من حمولة السفينة في الموقع الذي غرقت فيه ولكن يمكن الافتراض بأنه قد كان في القدم أشخاص يعملون في إنقاذ الحمولات من السفن الغارقة.

تنكشف طبقات أثرية للاستيطان في المواقع الأثرية التي يتم اكتشافها على اليابسة، وفي الكثير من الحالات يُعاد استخدام المباني مجددا، استخدام المواد الخام والأغراض الأخرى، إلى حد أنه من الصعب، بل ومن المستحيل أحيانا، ملاحظة أول استخدام لها.تتميز المكتشفات من المواقع تحت البحرية بأن لجميع الأغراض في السفينة الغارقة تاريخ استخدام أخير موحّد، فإن سفينة معينة قد غرقت في لحظة معينة ولذلك تكون الأغراض الموجودة فيها مؤرخة حسب لحظة الغرق.ثمة من يعثرون على الأغراض والمواد الخام وهي في حالتها الأصلية.تم اكتشاف حمولات السبائك المعدنية الأكبر في البحر، فهي قليلة على اليابسة وذلك لأنه عند لحظة وصولها إلى هدفها كان قد تم صهرها بهدف صُنع الأدوات والأغراض المختلفة.

التغييرات الجيولوجية-المورفولوجية الحادة التي حدثت في العقود الأخيرة نتيجة تدخل الإنسان بخط الساحل (بناء سد أسوان، الموانئ، المراسي وما إلى ذلك) ونتيجة تطور معدات الغطس وتوفرها لكل شخص، أدت إلى ظهور بقايا على قاع البحر تعود إلى مئات وآلاف السنين.لقد أصبحت معرفتنا حول الفترات المختلفة في تاريخ البلاد ثرية بفضل تطور علم الآثار تحت المائي وبفضل الاستطلاعات تحت المائية التي جرت في أرض إسرائيل.تسلط هذه المكتشفات، من وجهة نظر جديدة، الضوء على العلاقات المتبادلة بين مدن الشاطئ التابعة لأرض إسرائيل وبين بلاد وحضارات أخرى واقعة على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، وكذلك على العلاقات التجارية في الفترات السابقة، على سبيل المثال أنواع البضائع التي تم نقلها من مكان إلى آخر.تتيح المكتشفات أيضا استرجاع حياة الملاحين وأنواع وسائل الملاحة التي تم الإبحار فيها في فترات مختلفة.

المعروضات في المعرض تحت رعاية سلطة الآثار، وحدة علم الآثار البحرية

 

لشراء التذاكر ومزيد من المعلومات يرجى ترك التفاصيل الخاصة بك