بناء نماذج سفن فن عالمي بدايته من الماضي البعيد ومازال مستمرا بأيدي محبي السفن والبحر.
انتاج نموذج سفينة دقيق على جميع أجزئها ليس أبدا بالعمل السهل. مطلوب لذلك كثير من الصبر, المهارات ومعرفة تقنية, وأيضا بعض المعرفة للتاريخ
البحري.
رسم أو رسم تخطيطي لسفن, أو لمشاهد بحرية, مهما كانت دقتهم, لا يشبهون نموذج. كونهم مسطحون ولا يُظهرون جزء السفينة الذي تحت سطح
الماء, وكذلك ليس بهم التفصيل الذي في النموذج. نموذج سفينة غني أكثر ومليء بالحياة. كونه ثلاثي الأبعاد يمكن فحصه من زوايا مختلفة ورؤية
تفاصيل كثيرة به التي لا يمكن رؤيتها في الرسمة. نماذج السفن تبعث الحياة في قصص الرحلات والمعارك البحرية. لا نستطيع أن نفهم بالتفصيل
الرحلات البحرية من عصر الاستكشاف الكبير- مثل رحلات كولومبوس التي كشفت أمريكا للأوروبيين- أو معارك بحرية مشهورة, دون المعرفة الجيدة
للسفن التي كانت جزء منها, كيف كان شكلها وبأية أسلحة كانت مُجهزة.
الدوافع وراء بناء نماذج عبر التاريخ كانت متنوعة وتعكس صرعات ونَزْعات حضارية. نماذج سفن وقوارب صُنعت خلال مئات السنين بأيدي رواد البحر
الذين أرادوا أن يضمنوا رحلة آمنة لطاقم السفينة. حسب اللقيات من منتصف الألفية الرابعة ق.م وحتى القرن السادس عشر ميلادي كانت للنماذج
بشكل عام انتسابات دينية. منذ منتصف القرن الرابع عشر, وخصوصا في البلاد الواقعة على شواطئ البحار, اعتادوا تعليق نماذج سفن وقوارب على
المداخل كنذور مٌقدسة.
نماذج صُنعت كذلك بأيدي البحارة في أوقات الفراغ خلال الرحلات الطويلة. كي يخفف البحارة من ثقل الروتين طوروا مهارات مختلفة, وأحد الانشغالات
الأكثر تداولاً كان إنتاج وسائل إبحار بأحجام صغيرة. نماذج صغيرة الحجم استعملت في جميع أنحاء العالم كتذكار وكلعبة للأطفال.
نماذج صُنعت أيضا لأهداف عملية- كوسيلة تجسيد في المَسْفَن كجزء من مراحل بناء السفينة. خلال فترة طويلة اعتاد صانعو السفن والقوارب بناء
نماذج كجزء من تطوير وسيلة الإبحار كي يفحصوا إن كانت أفكارهم قابلة للتنفيذ. نماذج التجربة ساعدت أيضا المخططين بتحسين مبنى وسيلة الإبحار
وحتى بواسطتها إرشاد صانعي السفن. نماذج كثيرة من هذا النوع حُفظت كمجموعات شخصية وعامة.
الأجمل والأفخم بين نماذج التجربة هي النماذج الرسمية للمسافن التي صُنعت للسلطات البحرية في القرنين السابع عشر والثامن عشر. في هذه النماذج
نُفذت جميع تفاصيل السفينة بدقة كبيرة بأدي محترفين مهرة.
نوع آخر من نماذج سفن هي تلك التي صُنعت في المجال التجاري لأهداف هيبة واعتبار. كثير منها نُسخ دقيقة لسفن وقوارب كانت قد أُنزلت للماء
وخُصصت في الأساس لشبابيك العرض ولغرف الإدارة لشركات السفن والمسافن كي تُظهر المستوى الرفيع لمنتجات الشركة أو المسفن. المسافن أيامنا
التي تبني الأساطيل في العالم تعطي لزبائنها ثلاثة نماذج دقيقة تقنياً من كل نمط سفينة.
مع الحافز المُلح للبشر لصنع نماذج سفن, موجودة أيضا الرغبة في جمع هذه النماذج. صانع النماذج الهاو الذي يُسَخِّر وقته لإعادة نماذج الماضي
للحياة اختار أحد الأشغال الأكثر تشويقاً. نماذج الهواة غير متجانسة- هناك الدقيقة, وأخرى تُركز على جزء من التفاصيل وتتجاهل الباقي. مثلا, ملاح
عرف بشكل جيد نظام الحبال في السفينة صنع هذا الجزء في النموذج بشكل دقيق أكثر من باقي الأجزاء الأخرى. وهناك أيضا خبراء في بناء نماذج
سفن داخل زجاجة.
نماذج كثيرة التي بنيت في أواخر القرن التاسع عشر وتصف سفن من عصور أقدم غير دقيقة كونها تستند على معلومات جزئية. أما اليوم بناء النماذج
يستند على معرفة متراكمة وعلى أبحاث كثيرة ولذلك هي أكثر دقة. الأدب الحديث في هذا الموضوع واسع ومتنوع وبه استرجاع وكذلك تصاميم
بمقاييس, حيث كُميَِّن كل من يرغب بذلك أن بيني أية وسيلة إبحار.
في السوق أيضا أطقم جاهزة المخصصة للجمهور وبها أجزاء للبناء مرفقة بمُخططات وتعليمات, بدرجات صعوبة مختلفة. هناك صانعي نماذج يستعملون
بشكل جزئي أطقم جاهزة بينما معظم النموذج من انتاجهم.
في منتصف القرن العشرين ازداد الاهتمام بنماذج السفن, وخاصة السفن الشراعية. والسبب لذلك هو الهالة الرومانسية حول السفن الشراعية, التي
ترتبط في الذهن بأحداث تاريخية كبيرة وبمعارك بحرية مشهورة. بالإضافة لها هناك من يصنع نماذج لسفن تهمه من ناحية الموضوع أو العصر.
في الشرق الأقصى وبأماكن أخرى, كما في جزيرة موريشيوس, تطور نظام شامل لانتاج نماذج سفن بطريقة الحزام الناقل وبأسعار مخفضة،
خصوصا لسفن شراعية بأحجام مختلفة- الذي كُميَن الكثير من الناس الحصول على نماذج سفن للزينة.
في العقود الأخيرة هناك في العالم موجة من الاهتمام في بناء نماذج سفن، وقامت العديد من النوادي لبناء النماذج المختلفة. جميعها حريصة على تقديم
عروض لنماذجها، وتقام المسابقات والجوائز للنماذج المتميزة. التطورات في مجال الاتصالات، ولا سيما شبكة الإنترنت، تُمكن من تبادل المعلومات بين
صانعي النماذج في جميع أنحاء العالم من خلال مقالات, مُخططات, صور فوتوغرافية وألخ.
بازدياد الهجرة من الاتحاد السوفياتي السابق والشتات ازداد عدد صانعي نماذج السفن في إسرائيل- أغلبيتهم من الهواة وعدد قليل من خبراء
النماذج.
هذا المعرض يقدم مجموعة واسعة من نماذج السفن. السفن الشراعية التي استخدمت للقتال والتجارة حتى النصف الثاني للقرن التاسع عشر- حين انتهاء
عصر الشراع في السفينة الحربية والركاب وبداية عصر محرك البخار والديزل. جمال السفينة الشراعية وكثرة التفاصيل فيها حفزت صانعي النماذج.
إلى جانب السفن الشراعية تُعرض أيضا نماذج سفن من القرن العشرين، التي تعكس في الوقت ذاته أحداث تاريخية مع التطورات التكنولوجية.